“Gemini 2.0” من جوجل.. هل سيكون بداية عصر الذكاء الاصطناعي المستقل؟

13 ديسمبر 2024 - 10:26 م

كشفت شركة جوجل أمس عن نموذج الذكاء الاصطناعي الحديث (Gemini 2.0)، الذي يمثل قفزة طموحة نحو أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها إنجاز المهام المعقدة بصورة مستقل، كما يمتاز النموذج بقدرته على توليد صور واقعية بدقة عالية، وأصوات بشرية بلغات متعددة، وتضع هذه المزايا جوجل في منافسة مباشرة مع OpenAI، و Anthropic في سباق محموم للهيمنة على مجال الذكاء الاصطناعي.

ويأتي الجيل الثاني من نموذج (Gemini) عقب نحو 10 أشهر من إطلاق جوجل لنموذج (Gemini 1.5)، وتصف جوجل الجيل الثاني من النموذج بأنه مصمم لعصر جديد قائم على الوكلاء، فبدلًا من تقديم استجابات مباشرة للمستخدمين، يمكن لوكلاء الذكاء الاصطناعي فهم السياق بنحو أعمق، والتخطيط لسلسلة من الإجراءات، وحتى إصدار قرارات محددة نيابة عن المستخدم، مما يجعله أشد استقلالية وفعالية.

وقد وصف ساندرا بيتشاي، الرئيس التنفيذي لجوجل، لحظة إطلاق هذا النموذج بأنها بداية حقبة حديثة للوكلاء، مشيرًا إلى مساعدين افتراضيين يمكنهم أداء المهام بنحو مستقل.

وقال بيتشاي: “على مدار العام الماضي، كنا نستثمر في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على التفاعل بصورة أشد استقلالية مع العالم من حولنا، والتفكير في العديد من الخطوات للأمام، والتصرف نيابة عنا، ولكن تحت إشرافنا، وبينما كان (Gemini 1.0) يركز في تنظيم المعلومات وفهمها، فإن (Gemini 2.0) يهدف إلى جعلها أشد فائدة من أثناء تحقيق تفاعل أشد عمقًا بين الإنسان والآلة”.

ولكن هذا التطور يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبلنا الرقمي، كيف سيغير مساعد الذكاء الاصطناعي الحديث من جوجل نمط حياتنا اليومية، وهل سيؤدي إلى زيادة في الإنتاجية والكفاءة، أم أننا قد نشهد اعتمادًا مفرطًا على التكنولوجيا، مما يثير مخاوف حديثة؟

كيف سيغير مساعد الذكاء الاصطناعي الحديث من جوجل حياتنا اليومية؟

شرحت تولسي دوشي، مديرة إدارة المنتجات في جيميني، أثناء لقاء بودكاست جديد، القدرات المحسنة لنموذج (Gemini 2.0)، فبالإضافة إلى فهم اللغات المتعددة وإجراء محادثات سلسة، يستطيع النموذج الآن توليد صور أصلية وأصوات بشرية بلغات مختلفة، كما يمكنه المساعدة في عمليات البحث ومشاريع البرمجة.

وقالت تولسي: “تمهد قدرات Gemini الجديدة الطريق لبناء وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على التفكير والتخطيط واتخاذ الأحكام بدلًا منك، مما يجعلهم شركاء فعّالين في إنجاز المهام اليومية”.

وقد أطلقت جوجل نسخة واحدة من النموذج للمطورين وهي (Gemini 2.0 Flash)، وهي نسخة تجريبية تدعي جوجل أنها تعمل بسرعة ضعف سرعة النسخة السابقة مع الحفاظ على مستوى عالٍ من الأداء يتجاوز قدرات نماذج أشد قوة، وقد حققت جوجل هذا الإنجاز من أثناء تحسينات في البنية الرئيسية للنموذج والخوارزميات المستخدمة، مما سمح بزيادة سرعة المصنعة دون التضحية بدقة النتائج أو تقليل وظائف النموذج.

مشروع (أسترا) Astra:

كشفت جوجل عن ثلاثة نماذج أولية لوكلاء الذكاء الاصطناعي قائمة على (Gemini 2.0)، وأبرزها مشروع (أسترا) Astra، وهو مساعد ذكاء اصطناعي متطور، وبفضل اعتماده على بنية Gemini 2.0، أصبح أسترا أشد ذكاءً وقدرة على فهم السياق وتقديم مساعدة أشد شمولية.

وأوضحت بيبو شو، مديرة منتجات المجموعة في جوجل ديب مايند، أثناء عرض توضيحي مباشر، أن مشروع أسترا الآن متمكن على الحفاظ على ذاكرة سياقية قوية تمتد لما يصل إلى 10 دقائق أثناء الجلسة الواحدة، كما يمكنه تذكر المحادثات التي أجريتها معه في الماضي، وتكييف استجاباته إنشاءً على السياق، مما يقدم تجربة تفاعل أشد طبيعية وشخصية”.

ولا يقتصر الموضوع على ذلك، بل يتميز مشروع أسترا الآن أيضًا بقدرته على إجراء محادثات معقدة ومتشعبة بلغات متعددة، إذ يمكن للمستخدم التحدث مع أسترا بأي لغة يدعمها النظام، وسيتمكن المساعد من فهم الاستفسارات والرد عليها بصورة سلس ودقيق.

كما يتميز مشروع أسترا بتكامل عميق مع مجموعة أدوات جوجل، مما يقدم للمستخدمين تجربة أشد شمولية، إذ يمكنه الآن الوصول إلى معلومات لحظية من أثناء محرك التداول حول جوجل وخرائط جوجل، مما يشير إلى مستوى من التكامل لم يسبق له مثيل في منتجات الذكاء الاصطناعي للمستهلكين.

جوجل تصعد المنافسة:

كشفت جوجل أيضًا أمس عن مشاريع حديثة للمطورين والمؤسسات قائمة على نموذج (Gemini 2.0)، ومنها: (مشروع مارينر) Project Mariner، الذي يُعد امتدادًا تجريبيًا لمتصفح كروم، ويمكنه استعمال المتصفح وتنفيذ المهام عبره تلقائيًا.

ويُعدّ مشروع Mariner، إنجازًا كبيرًا في مجال أتمتة مهام الويب، فقد حقق هذا المشروع استنتاجات مذهلة بنسبة نجاح بلغت 83.5% في معيار WebVoyager، وهو معيار صارم يقيس قدرة العميل على تنفيذ مهام الويب المعقدة في محيط واقعية.

والمشروع الثاني هو برنامج (Jules)، وهو وكيل مخصص لمساعدة المطورين في العثور على الأخطاء البرمجية وإصلاحها، بالإضافة إلى وكيل مُخصص لمساعدة المستخدمين في تحسين أدائهم في ألعاب الفيديو.

ماذا يعني ذلك للمؤسسات؟

تمثل هذه النتائج قفزة نوعية في مجال أتمتة المهام، إذ يمكن للمؤسسات الاستفادة من هذه التكنولوجيا لتسريع عملياتها وتحسين كفاءتها، فعلى سبيل المثال يمكن لمشروع Mariner أن يتولى مهام روتينية ومتكررة، مما يتيح للموظفين التركيز في أشد المهام إبداعًا وأهمية.

جوجل تراهن على وكلاء الذكاء الاصطناعي:

يمثّل تحول جوجل نحو الوكلاء المستقلين أهم تحول إستراتيجي في مجال الذكاء الاصطناعي منذ إصدار شركة (OpenAI) روبوت (ChatGPT)، ففي حين حين ركّز المنافسون في تعزيز قدرات النماذج اللغوية الكبيرة، راهنت جوجل على أن المستقبل ينتمي إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها التنقل بنشاط في البيئات الرقمية وإكمال المهام المعقدة بأقل تدخل بشري.

وتمثل الرؤية الجديدة لوكلاء الذكاء الاصطناعي تحولًا جذريًا في المجال، إذ ستنقل هذه الخطوة المساعدات الذكية من مجرد مساعدات تفاعلية إلى أنظمة أشد استقلالية وقدرة على إصدار الأحكام، وإذا نجحت هذه الخطوة فمن المحتمل أن تعيد تشكيل المشهد التنافسي في هذا المجال، ويشير الاستثمار الضخم لجوجل في تطوير الشرائح الإلكترونية، والبنية التحتية المخصصة إلى أنها مستعدة للمنافسة بقوة في هذا التوجه الحديث.

وقد أكد ديميس هاسابيس، الرئيس التنفيذي لشركة جوجل ديب مايند، أن إنشاء أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على إصدار إجراءات بمفردها كان محور تركيز (ديب مايند) منذ أيامها الأولى في تعليم الحواسيب كيفية اللعب بألعاب مثل: الشطرنج و Go.

وقال هاسابيس: “تمثل أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تعمل كوكلاء شبه مستقلين خطوة وسيطة مهمة على الطريق نحو الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهو الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يضاهي القدرات البشرية”.

وأضاف: “إذا فكرنا في الطريق إلى الذكاء الاصطناعي العام، فمن الواضح أننا بحاجة إلى نظام يمكنه التفكير وتحليل المشاكل وتنفيذ الإجراءات في العالم الحقيقي”.

وعندما أطلقت جوجل النسخة الأولى من جيميني قبل عام تقريبًا، كان مشهد الذكاء الاصطناعي يهيمن عليه روبوتات الدردشة، التي يمكنها الانخراط في محادثة ذكية ولكنها تعاني صعوبات في أداء المهام في العالم الحقيقي. والآن مع بدء وكلاء الذكاء الاصطناعي باتخاذ خطواتهم الأولى نحو الاستقلال الذاتي، تقف الصناعة عند نقطة تحول أخرى.

إذ لم يَعد التساؤل عن قدرة الذكاء الاصطناعي على فهمنا، بل أصبح عن مدى استعدادنا للسماح للذكاء الاصطناعي بالتصرف نيابة عنا؟ ومن الواضح أن جوجل متأكدة من أننا مستعدون لهذه الفترة.

في النهاية، نستطيع القول إن نموذج (Gemini 2.0) يمثل بداية فصل جديد في حكاية الذكاء الاصطناعي.

الوسوم

Anthropic Gemini Gemini 2.0 OpenAI Project Astra الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي التوليدي الذكاء الاصطناعي العام جوجل

نسخ الرابط تم نسخ الرابط