حسم الجدل حول انتشار موجات الجاذبية في الكون
شفقنا – تمكنت مجموعة من الفلكيين من حسم الجدل الطويل حول النظريات السابقة التي تشير إلى تواجد اهتزازات دائمة في نسيج الكون، وذلك باستخدام أكبر كاشف للموجات الجاذبية بُني حتى الآن، وهو “تلسكوب ميركات”، المخصص لرصد النجوم النابضة، ويتألف هذا التلسكوب من 64 هوائيا راديويا موزعة في أقصى جنوب القارة الأفريقية.
وتشير استنتاجات الدراسة، التي نُشرت حديثا في مجلة “ذا مونثلي نوتيسس” التابعة للجمعية الملكية الفلكية إلى أن موجات الجاذبية أشد انتشارا وأعظم قوة مما كان يُعتقد سابقا. حيث استطاعوا من الكشف عن خلفية قوية للموجات الجاذبية، يُعتقد أنها ناجمة عن الاصطدامات العنيفة بين الثقوب السوداء الضخمة التي تقع في مراكز المجرات من خلال الكون.
الموجات الجاذبية.. تموجات في نسيج الزمكان
الموجات الجاذبية هي تموجات دقيقة تنتقل من خلال نسيج الزمكان، وتنشأ نتيجة حركة الأجسام شديدة الكثافة والضخامة، مثل الثقوب السوداء. وتحمل هذه الموجات في طياتها معلومات غنية عن أشد الظواهر الكونية قوة ودراماتيكية، مما يجعلها مفاتيح لفهم الكون على نطاق أوسع.
وفي عام 2015، تمكن الباحثين من الكشف لأول مرة عن الموجات الجاذبية ذات الترددات العالية الناتجة عن اصطدام الثقوب السوداء. في حين أن الموجات الأكثر قوة ذات الترددات القليلة، والتي تتولد عن اصطدام الثقوب السوداء العملاقة، لم تُكتشف إلا مؤخرا. وقد احتاج الباحثين في هذا الصدد إلى كاشفات بحجم مجري حقيقي، مثل تلسكوب ميركات، القادر على تغطية مساحات شاسعة في إطار مجرة درب التبانة.
وتكمن قيمة معرفة موجات الجاذبية الحقيقية في الكم الهائل من المعلومات التي تحملها حول ديناميكيات الكون، فعندما تصطدم الثقوب السوداء العملاقة على سبيل المثال، تُطلق طاقة هائلة تترجم إلى تموجات من خلال الزمكان. ومن أثناء دراسة هذه الموجات، يأمل الباحثين في فك ألغاز أساسية في الفيزياء الفلكية، مثل فهم سلوك الثقوب السوداء العملاقة ودراسة تأثيرها العميق على تشكيل وتطور المجرات.
دور النجوم النابضة في الكشف عن الموجات الجاذبية
اعتمد الباحثين في هذا الاكتشاف الرائد على النجوم النابضة، وهي نجوم نيوترونية ذات مغناطيسية عالية تدور بسرعة مذهلة، وتبعث نبضات منتظمة من الإشعاع الكهرومغناطيسي. وتشبه النجوم النابضة الساعات الكونية، إذ تصدر إشعاعات بدقة استثنائية تتيح للباحثين قياس أي تغييرات طفيفة تقع عند مرور الموجات الجاذبية من خلالها.
وعندما تعبر موجة جاذبية بين الأرض والنجم النابض، فإنها تُحدث تشوها في الزمكان، مما يؤدي إلى تغير بسيط في وقت وصول النبضات، وقد أثبتت هذه التقنية فعاليتها العالية في رسم خرائط دقيقة لخلفية الموجات الجاذبية. وبناء على 5 سنوات من الرصد، أظهرت النتائج أن خلفية الموجات الجاذبية أعلى بكثير مما كان متوقعا، فالإشارة المكتشفة كانت تشير إلى كون مليء بالحركة والنشاط أشد مما تخيله الباحثين بمراحل.