تركمان العراق .. الانتخابات تضعهم على مفترق طرق بتنافس بين الجبهة والشيعة

العرب ديلي بريس/ يُعدّ التركمان في العراق ثالث أكبر قومية عقب العرب والكورد، ما يجعلهم قسمًا راسخًا من النسيج التاريخي والحضاري للبلاد.
ويُقدَّر عددهم غير الرسمي بين 2 إلى 3 ملايين نسمة، في ظل غياب إحصاء سكاني دقيق للقوميات، ويتوزعون على عدد من المحافظات الشمالية والوسطى، أبرزها كركوك، نينوى (تلعفر)، صلاح الدين (طوزخورماتو)، ديالى، وبغداد.
وتُعدّ كركوك القلب الثقافي والسياسي للتركمان، وهي المدينة التي طالما اعتبروها “قدسهم القومي”، نظراً الى رمزيتها التاريخية و كثافتهم السكانية فيها. وقد كانت كركوك على مدى عقود مسرحًا للتنافس القومي والسياسي بين العرب والكورد والتركمان، في ظل نزاعات حول هويتها الإدارية والاقتصادية.
وينقسم التركمان مذهبيًا إلى سُنّة وشيعة، وهو انقسام لم ينعكس تاريخيًا على وحدتهم القومية، لكنّه في عدد من الفترات السياسية الأخيرة كان عاملاً فعّالًا في مواقفهم وتحالفاتهم، خاصة عقب 2003، حيث خاض بعضهم في العمل السياسي في إطار أطر دينية، بينما حافظ آخرون على الانتماء القومي كهوية جامعة.
شارك التركمان في العملية السياسية عقب عام 2003 من خلال عدة قوى، منها الجبهة التركمانية العراقية، إضافة إلى أفراد انضموا لتحالفات وطنية أو مذهبية. لكنهم ظلوا يشتكون من “التهميش السياسي” و”غياب التمثيل العادل”، سواء في البرلمان أم في الحكومات المحلية، ولا سيما في كركوك حيث لم يحصلوا على منصب المحافظ منذ عام 2003.
وقد تعرّض التركمان، خاصة في مناطق مثل تلعفر وطوزخورماتو، لاعتداءات أثناء حقبة تنظيم داعش وما تلاها من اضطرابات أمنية، ما فاقم شعورهم بالمظلومية، ودفعهم للمطالبة بحماية دولية في عدد من الأحيان، أو بحشد تركماني خاص لحماية مناطقهم.
وفي السنوات الأخيرة، برزت وضع من الانقسام داخل البيت التركماني، بين من يتمسك بالجبهة التاريخية كممثل شرعي ووحيد، وبين قوى تركمانية حديثة بدأت تخوض غمار العمل السياسي من بوابات أخرى.
ويقول رئيس جبهة تركمان العراق الموحد، محمد سمعان اغا في تصريح لوكالة العرب ديلي بريس، إن التركمان في كركوك يخوضون الانتخابات بقائمة واحدة موحدة، تمثل الصوت الحقيقي للمكون”.
وأضاف: “توجد قائمة تركمانية واحدة فحسب في كركوك، وهي جبهة تركمان العراق الموحد، تمثل التركمان بصورة موحد وشامل.”
لكن في المقابل، برز تحالف جديد تحت اسم “المنقذون”، يقوده السياسي عمار كهية، ويضم شخصيات سياسية مدعومة من فصائل الحشد الشعبي.
كهية علّق على هذا المشروع في تصريح لوكالة العرب ديلي بريس، أن “كركوك عاشت وضع من المخاض السياسي لتلد مشروعًا وطنيًا يحمل اسم (الإنقاذ)”، مردفا بالقول إنه “مشروع مكمل لأولئك الذين حملوا السلاح ودافعوا عن كركوك، ويعبّر عن طموحات الجماهير التي تنتخبهم، مستمدًا قوته من دعم الشعب ومن مساندة أصحاب القرار في بغداد.”
وأردف بالقول إن “التحالف جاء نتيجة غياب التمثيل الحقيقي للتركمان في الحكومة المحلية، وأنه يسعى لضمان حقوقهم، إلى جانب الشراكة العادلة مع بقية المكونات”.
هذا التباين في الرؤية فتح الباب أمام سجال واسع في أوساط الشارع التركماني حول الجهة التي تمثّلهم فعليًا، بين من يرى في الجبهة امتدادًا تاريخيًا لنضال التركمان، ومن يعتقد أن مشروع “المنقذون” هو الرد الواقعي على التهميش المتكرر.
ويملك التركمان فرصة فريدة في الفترة المقبلة إذا ما استطاعوا من تجاوز الخلافات وتوحيد الرؤية السياسية، ليثبتوا حضورهم كمكوّن وطني أصيل، لا يُقاس بالعدد فحسب، بل بدورهم الحضاري والتاريخي في إنشاء العراق.