بعدما حقق إيرادات ضخمة.. هل يستحق “ديدبول وولفرين” هذا الزخم؟ | فن
5/8/2024-|آخر تحديث: 5/8/202409:35 م (بتوقيت مكة المكرمة)
شهدت صالات العرض العالمية طرح فيلم “ديدبول وولفرين” (Deadpool & Wolverine) الذي طال انتظاره، بعدما تعرض مشروعه إلى الكثير من التأجيلات والتهديدات، منها استحواذ شركة “ديزني” على حقوقه بعد انضواء أستوديوهات “توينتيث سينشري فوكس” تحت لوائها، بالإضافة إلى إضراب صناع السينما العام الماضي الذي أثر على إنتاجه مثل عشرات الأفلام غيره.
وبعد أيام قليلة من عرضه، احتل العمل المرتبة الثامنة ضمن أعلى أفلام العام إيرادا على الرغم من تصنيفه “للبالغين فقط” الذي يؤثر عادةً على الإيرادات. ويُنسب هذا النجاح السريع بشكل كبير إلى أسماء أبطاله الذي تعلق بهم الجمهور لسنوات، سواء ريان رينولدز وهيو جاكمان في دوري ديدبول وولفرين الشهيرين.
ديدبول بين الأصالة و”فخ” مارفل
قدم فيلم “ديدبول” في جزئيه الأول والثاني قصة “بطل مخالف للعرف” -أو ما يعرف بـ”Anti-hero”- غير تقليدي وبعيد عن طبيعة شخصيات الأبطال الخارقين المعتادة؛ فتعرفنا في الجزء الأول على البلطجي الوسيم ويد ويلسون الذي يقع في حب فتاة، وتسير حياتهما على ما يرام حتى يكتشف إصابته بسرطان قاتل بلا علاج معروف، وتعرض عليه منظمة سرية تجربة علاج يحوله إلى رجل خارق، لكنه يتعرض للتشوّه فيسعى للانتقام.
يصر ديدبول على أنه ليس بطلا خارقا يهدف لحماية المجتمع، بل يكرس قواه لأغراضه الشخصية شديدة الأنانية ويرفض استقطابه من فريق “الرجال إكس”.
وبالإضافة إلى طبيعة الشخصية المختلفة، فقد تميز إيقاع الجزأين الأول والثاني بالسرعة وخلط الأكشن بالكوميديا، مع إعطاء الفيلم تصنيف “للبالغين فقط”، الأمر الذي أعطى صناعه الفرصة كاملة لتقديم تجربة يعتبرها البعض شديدة الدموية والبعض الآخر شديدة الجرأة.
حقق الفيلمان الأول والثاني نجاحات نقدية وتجارية، لتصبح الشخصية من أهم ما استحوذت عليه “ديزني” من “توينتيث سينشري فوكس”، ما وضع صناع الجزء الثالث أمام تحدٍ للحفاظ على أصالة الأفلام السابقة في ظل عملية الدمج المنتظرة ضمن أفلام “مارفل” التي تتميز بطابعها المختلف، خصوصا تلك هي التجربة الأولى في إضافة شخصيات من “الرجال إكس” إلى عالم “مارفل” الممتد.
احتفظ فيلم “ديدبول وولفرين” بتصنيف “للبالغين فقط”، وهو الأمر غير المعتاد في عالم مارفل الممتد الذي روج لنفسه بكونه أفلام شديدة العائلية إلا فيما ندر. كما حافظ على إيقاعه السريع ومشاهد الأكشن الدموية والكوميديا اللاذعة والحريفة، وعلى الجانب الآخر اكتسب العمل دفعة قوية بإضافة شخصية “ولفرين” التي اشتاق لها الجمهور بعد غيابها 7 سنوات عن الشاشة الكبيرة عندما قتلها المخرج جيمس مانغولد بفيلم “لوغان” (Logan) في وداع اعتقد المشاهدون أنه للأبد.
أين الحبكة؟
غير أن هذا الزخم وتلك الأصالة ضاعا في ظل حبكة يمكن أن نطلق عليها “شديدة المارفلية” (نسبة إلى أفلام “مارفل”)، فحاول صناع الفيلم دمج “ديدبول وولفرين” تحت مظلة السلسلة بربطها بـ”سلطة تباين الوقت” المسؤولة عن تنظيم خطوط الزمن والعوالم الموازية، تلك الحبكة التي تروج لها “مارفل” منذ فيلم “نهاية اللعبة” (Endgame) ولم تنجح إلا في إثارة ملل الجمهور وتهاوي شعبية أفلام ومسلسلات مارفل من الناحية التجارية والنقدية.
وبالتالي يبدأ فيلم “ديدبول وولفرين” مستندا إلى جزأين سابقين ناجحين، وشخصية رئيسية مميزة للغاية، وشخصية جديدة تنضم للسلسلة خلفها تاريخ عريق من النجاح ويشتاق إليها الجمهور بشدة، ومخرج قدم في السنوات الأخيرة عدة أفلام ناجحة تجمع بين خفة الظل والأكشن، أي كل عوامل النجاح إلا عاملا واحدا فقط أصبح هو الشوكة في خاصرة الفيلم، وتمثل في “السيناريو”.
شارك أشخاص عديدون في كتابة سيناريو “ديدبول وولفرين”؛ منهم المخرج نفسه وبطل الفيلم ريان رينولدز، وقد حاولا الحفاظ على طابع الشخصية الرئيسية بشدة، لكن خلال ذلك وقعوا في عدد من الأخطاء الفادحة، أهمها التشابه الكبير مع اثنين من أعمال “مارفل” السابقة، أولها الجزء الثالث من أفلام سبايدرمان “الرجل العنكبوت: لا عودة للوطن” (Spider-Man: No Way Home) الذي استغلت فيه “مارفل” نفوذها لاستعادة اثنين من الممثلين الذين قدموا الشخصية نفسها من قبل، للجمع بين 3 نسخ من سبايدرمان في فيلم واحد، ليقدم الأستوديو تجربة نجحت على مستويات عدة.
وأعاد “ديدبول وولفرين” استخدام نفس الفكرة، لكن مع أبطال استحوذت عليهم “ديزني”، مثل “فنتاستك فور” (Fantastic Four) و”بليد” (Blade)، الأمر الذي يبدو مثيرا لمحبي أفلام الأبطال الخارقين، لكنه في النهاية تكرار واضح من “مارفل”.
نجد أيضاً تشابها آخر بين “ديدبول وولفرين” وعالم “مارفل” يتمثل في مسلسل “لوكي” (Loki) ليس فقط بعلاقة كل منهما بسلطة تباين الزمن، لكن كذلك الحبكة التي تعتمد على الهرب من “الفراغ” (Void) وهو السجن الذي تنقل فيه سلطة تباين الزمن كل المفسدين لخط الزمن المقدس ولقاء ديدبول مع أشباهه من نسخ “ديدبول” المسيئة، بالإضافة إلى التشابه الواضح بين شخصيتي “ديدبول” و”لوكي” فكلاهما “بطل مخالف للعرف” ينقذ الكون لأغراضه الشخصية في النهاية.
حاول ريان رينولدز التمرد على سلطة “مارفل” بالسخرية منها على طول أحداث الفيلم وبشكل مستمر، لكن في النهاية سقط في قبضتها بتقديم فيلم يغذي نفس السردية الحالية للشركة التي تتمركز حول سلطة تباين الزمن والتي أثبتت فشلها من قبل، ودون اهتمام حقيقي بتطوير حبكة الفيلم لتصبح مميزة وتضيف إلى سلسلته الخاصة نجاح جديد يوازي نجاحاتها السابقة.
لكن يبقى “ديدبول وولفرين” في النهاية شديد التسلية وتجربة أكشن مميزة، وهما الأمران التي افتقدتها أعمال “مارفل” الأخيرة، وسيقدم نجاح الفيلم التجاري دفعة للسلسلة للأمام ويفتح الباب نحو دمج شخصيات الأبطال الخارقين الجديدة/القديمة في الأعمال القادمة.