المرونة مهارة حياتية ضرورية في القرن الـ 21

5 يوليو 2024 - 9:28 م

الصحة النفسية عنصر أساس بصحة الإنسان..

أكدت أخصائية الإرشاد لنفسي بمركز عائشة يتيم للإرشاد الأسري زهراء العلوي أن الصحة النفسية تُعد عنصراً أساساً في صحة الإنسان العامة، وقد أصبحت مصباً للاهتمام بسبب تأثر جودتها بتسارع الأحداث المعاصرة، والتطور التكنولوجي، وزيادة متطلبات الحياة، مشيرة إلى أن تطوير المرونة بات مهارة حياتية ضرورية في القرن الـ21.

وأوضحت العلوي أن الاعتناء بالصحة النفسية ضرورة ملحة بالنظر إلى طبيعة الحياة الإنسانية كالتعرض للمشكلات أو فقدان شخصٍ عزيز، مما يضع الفرد تحت العديد من الضغوط التي لها تأثير مباشر على حياته وأدائه لمهامه الشخصية والأسرية والمجتمعية، ومن هنا تبرز أهمية السعي إلى تطوير مهارة المرونة كمهارة حياتية في القرن الواحد والعشرين.

وأضافت أن تمتع الإنسان بالمرونة النفسية يعني أن يكون قادراً على مواجهة الصدمات والمشكلات واستعادة التوازن، وأن يكون قادراً على التكيف مع تغير الأدوار والمسؤوليات، وأن يكون على استعداد للتأقلم وإعادة بناء الخطط وتغيير الوجهة بحسب معطيات حياته، لا أن يتمسك برغبات قد لا تتوافق مع واقعه وقدراته.

ووفقاً لوصف د. بندر آل جلالة فإن المرونة النفسية هي «أن تسبح دون أن تغرق، وتنحني دون أن تنكسر»، وهذا لا يتعارض مع شعورنا بالحزن والألم والتعثر، إنما هي تمكين الفرد لتحمل الألم وعدم الانشغال به لمدة طويلة لدرجة تؤثر على كفاءته في تلبية متطلبات الحياة، وأدائه لكافة مسؤولياته، أو أن تعيق تطوره وتحقيق إنجازاته.

وأضافت، لاشك أن التحلي بالمرونة له آثار إيجابية، ومن بينها تحسين جودة الصحة النفسية، من خلال التقليل من مستويات التوتر والقلق بسبب اكتساب القدرة على التعامل في المواقف العصيبة، وتحسين مستويات التكيف مع المتغيرات المفاجئة الإيجابية منها والسلبية، وتنمية العلاقات الاجتماعية بسبب تحسن مستويات التواصل الفعّال وإمكانية تقبل الطرف الآخر رغم الاختلاف، كما أنها ترفع من مستوى الرضا عن الحياة وعن الذات، ما يؤدي إلى القدرة على الاستمتاع والشعور بالسعادة.

وتؤكد الدراسات العلمية العلاقة الإيجابية بين المرونة النفسية ومستويات السعادة، حيث أظهرت نتائج دراسة أجريت حديثاً، على مجتمع من الطلبة بجامعة الطفيلية التقنية بالمملكة الأردنية الهاشمية ؛ بأن هناك علاقة ارتباطية موجبة بين المرونة ومستويات السعادة لدى الطلبة، فالطلاب الذين أظهروا مستويات أعلى من المرونة النفسية كانوا أكثر رضا وسعادة عن حياتهم مقارنة بمن لديهم مستويات مرونة أقل، وتتفق النتائج مع تعريف حامد الزهران للصحة النفسية وهي « توافق الفرد مع نفسه وبيئته، وشعوره بالسعادة مع نفسه والآخرين».

وتابعت الأخصائية العلوي : «في الميدان العملي لي كأخصائية إرشاد نفسي، أجد أن الشعور بالسعادة ينخفض بتراجع المرونة النفسية تأثراً باتباع أنماط تفكير صلبة والتمسك بتوقعات ورغبات في الحياة لم يحصلوا عليها أو تتعارض مع واقعهم».

وبينت أن «المرونة النفسية مهارة قابلة للتعلم والتطوير، وتتألف من عدة أبعاد تساهم في تطويرها، منها : تعزيز الثقة بالنفس وتبني النظرة الإيجابية للذات والأحداث التي يمر بها ما يبني استعداداً لخوض التجارب والسعي لإصلاح الوضع الحالي إلى جانب القدرة على اتخاذ القرارات الشخصية والاجتماعية فتكون الحياة في حالة تغير وتطور مستمر عوضاً عن الركود والخوف من التغيير، غير أن تحمل المسؤولية الشخصية والأسرية والمهنية مما يحسن المهارات الشخصية في الإدارة ومهارات التواصل الفعال وتنمية الدائرة الاجتماعية وأخيراً مهارة حل المشكلات».

وأكدت العلوي أن «المرونة النفسية مهارة قابلة للتعلم»، موصية من يجد صعوبة في النهوض بعد تعرضه للصدمات والانتكاسة أن «يعير اهتماماً في تنمية مهارات تعينه على تخطي وتقبل ومواجهة ما يتعرض إليه، وأن يبحث ويطلع أكثر على هذه المهارة حفاظاً على الصحة النفسية ووقايةً من الاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب، وفي حال استمرار الانتكاسة وتدهور الأداء على مختلف الأصعدة لهُ أن يتوجه بطلب المساعدة من المتخصصين الذين يمكنهم تقديم الدعم اللازم للعودة إلى الحياة بثقة وقوة».