السوداني: بغداد تتزين لاحتضان العرب.. ونرفض انتظار الخارج لحل أزماتنا

العرب ديلي بريس/ أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الخميس، على أن بغداد تستعد لاستضافة القمة العربية الدورية والقمة العربية التنموية، التي تُعقد جميع أربع سنوات، موضحاً أن هذا الحدث يأتي في ظل ظروف دقيقة تمر بها المنطقة، وسيكون له انعكاسات سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية.
وأضاف السوداني، في مقابلة مع سكاي نيوز عربية، تابعتها وكالة العرب ديلي بريس، أن انعقاد القمتين في بغداد “يؤكد على حقيقة أن العراق مستمر في أداء دوره الريادي في المنطقة، وهو دوره الطبيعي عقب أن تجاوز التحديات، ويخطو بثبات نحو المساهمة في صياغة موقف عربي موحد تجاه مختلف القضايا”.
وأشار إلى أن الحكومة أعدت جميع المتطلبات الضرورية لإنجاح القمتين، مضيفاً أن “الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب العراقي، يتطلعون لمزيد من الإنجازات والقرارات المهمة التي تحاكي التحديات والظروف الصعبة الراهنة”.
وبشأن التحديات الإقليمية والعربية، ولا سيما في ظل تولي العراق رئاسة القمة العربية أثناء الاثني عشر شهراً المقبلة، أكد السوداني أن حكومته ستعمل برؤية حديثة، تقوم أولاً على “تفعيل الأداء بين الدولة رئيسة القمة والجامعة العربية، من أثناء مراجعة الأحكام وتنفيذها من خلال إعادة هيكلة للحوار العربي، ومتابعة دقيقة لكل المخرجات والمبادرات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية”.
وأوضح أن “تنفيذ هذه المبادرات سيعتمد على مقررات ومخرجات القمة الحالية، ومن ثم وضع آليات تنفيذ فعّالة بالتنسيق بين العراق والجامعة العربية”.
وأعرب السوداني عن رؤية العراق في أهمية عودة التكامل العربي لمواجهة التحديات، قائلاً: “لا نرغب أن تبقى مواقفنا مجرد ردود أفعال، بل ننتقل إلى الفعل والتأثير، أي الانتقال من البيانات إلى التحرك العملي”.
ولفت إلى أن العديد من الدول العربية تعاني تحديات مباشرة تتعلق بالأمن، كما هو الحال في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وليبيا واليمن، بينما تعاني دول أخرى تحديات غير مباشرة تتعلق بالأمن الغذائي والمائي، والتغيرات المناخية، والظروف الاقتصادية.
وجدد السوداني التأكيد على ضرورة التحرك بروح العمل المشترك، قائلاً: “أغلب الدول العربية تشاركنا هذا التوجه، ولا يعقل أن ننتظر تدخلاً من دول خارجية لحل مشاكل وأزمات داخلية بين الدول العربية. ليس من الصحيح أن نتخلى عن هذا الدور، دور الجامعة العربية في صياغة موقف موحد يعالج هذه التحديات، لا سيما أن لدينا موارد طبيعية وبشرية يمكن توظيفها من أثناء خطط ومشاريع للحد من الآثار السلبية، خصوصاً الاقتصادية منها، بالإضافة إلى الجهود الإنسانية التي يجب أن تُوظف بصورة طارئ في مناطق الأزمات”.
وعن الشأن السوري، أكد السوداني أن بلاده تعتبر أمن سوريا جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي، مشدداً على أن هذا الموقف يحظى بإجماع وطني من جميع القوى السياسية والرئاسات العراقية، بالنظر إلى العلاقات التاريخية والتشابه المجتمعي بين البلدين.
وأشار إلى أن ما تشهده سوريا هذا اليوم من عملية سياسية ناشئة يبدو إلى حد ما ما مر به العراق عقب عام 2003، مضيفاً: “لذلك كنا حريصين على التواصل مع الإدارة في دمشق وتقديم جميع أشكال الدعم والنصح لتجاوز الأخطاء التي رافقت الفترة الانتقالية”.
وشدد رئيس الوزراء على ضرورة معاملة جميع الأطراف في سوريا بمسافة واحدة، ونبذ العنف والإرهاب، واحترام حقوق الأقليات، مشيراً إلى أن هذه المبادئ تشكل أسساً لبناء عملية سياسية مستقرة.
وأضاف أن ضمان حقوق جميع المكونات ومشاركتها الفاعلة في إنشاء الدولة السورية الجديدة أمر بالغ الأهمية، داعياً إلى وضوح في الموقف من نبذ التطرف والإرهاب، ولا سيما مواجهة تنظيم داعش الذي ما يزال يشكل تهديداً للأمن الإقليمي من داخل الأراضي السورية، حيث يسيطر على مساحات كبيرة ويحتفظ بكميات من أسلحة الجيش السوري.
وأكد السوداني أن العراق، إلى جانب باقي دول المنطقة، ينظر بارتياح إلى أي مسار سياسي في سوريا يرتكز على الحفاظ على السيادة ووحدة الأراضي السورية، مضيفاً: “في ظل هذا التطور التكنولوجي والانفتاح، يجب احترام الحريات وحقوق الإنسان، وأن يكون مبدأ المواطنة هو الأساس في الرابطة بين الدولة وأبناء الشعب”.
وتستعد العاصمة العراقية بغداد لاستضافة القمة العربية يوم السبت المقبل الموافق 17 أيار/مايو 2025، وذلك في إطار جهود العراق لتعزيز حضوره الدبلوماسي الإقليمي، في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات سياسية وأمنية واقتصادية.
كما أكد رئيس الوزراء العراقي، أن العراق متمكن على أداء دور الوسيط النزيه بين الدول المتخاصمة أو التي تعاني اختلافات في وجهات البحث، مشيراً إلى أن ما يؤهله لذلك هو امتلاكه علاقات طيبة، إلى جانب التزامه بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول.
وشدد السوداني على أن “العراق يمكنه أن يلعب هذا الدور بروحية ومبدئية ثابتة يؤمن بها”، معتبراً أن من واجبه عدم الوقوف متفرجاً على تفاقم المشاكل، مما يفسح المجال لتدخلات خارج المحيط العربي.
وأشار رئيس الوزراء العراقي إلى تواجد مفاجآت مرتقبة في القمة العربية التي تستضيفها بغداد، كاشفاً أن الرئيس السوري أحمد الشرع قرر تمثيل بلاده من خلال وزير الخارجية.
ورأى السوداني أن “مستوى الحضور حتى الآن مقبول ومتعارف عليه في القمم العربية”، معرباً عن أمله بأن “يكون توجد حضور على مستويات أعلى وعدد أكبر، بما يتناسب مع حجم الأحداث وتطلعات الشعب العربي”.