الجولاني يلوّح بالسيناريو العراقي وينتظر الضغط التركي على الفصائل |
دمشق – لوح أبومحمد الجولاني (أحمد الشرع)، زعيم هيئة تحرير الشام والقائد الفعلي لسوريا، بالسيناريو العراقي لحل أزمة الفصائل المسلحة وإدماجها في الدولة، بانتظار ضغوط تمارسها تركيا على الفصائل التي أغلبيتها تدين لها بالولاء، للتوصل إلى صيغة تتجنب ثغرات التجربة العراقية التي انتهت بانفلات الميليشيات وسيطرتها على الدولة.
وضمن المخاوف أيضا من تكرار السيناريو العراقي تبرز مشكلة التعامل مع القوات الكردية، خاصة عقب تأكيد قوات سوريا الديمقراطية أنها مستعدة للتناقش مع دمشق حول هذا الموضوع شريطة ابتعاد دمشق عن التحريض التركي.
ويدرك الجولاني جيدا ما حدث في العراق حيث اشتغلت مختلف الفصائل في البداية على أساس تولي مناصب رفيعة في الدولة لكنها سرعان ما تحولت لاحقا إلى كتل ميليشياوية تتوالد وتهدد الجميع.
وقالت القيادة العامة السورية الجديدة في بيان مقتضب الثلاثاء إن الشرع توصل إلى اتفاق مع “قادة الفصائل الثورية” يقضي بحل جميع الفصائل و”دمجها تحت مظلة وزارة الدفاع.”
ما يجري في العراق منذ 2005 إلى هذا اليوم يجعل من الصعب التحمس لقرار عدد من الفصائل تسليم سلاحها والانضواء تحت الدولة
ولم يوضح البيان صيغة الاتفاق ولا طريقة الاندماج التي ستتم من خلالها، بالتزامن مع تنبيه خبراء إلى ضرورة أن يُدمج المقاتلون في مؤسستي الجيش والشرطة فرادى وليس جماعات.
ويواجه الجولاني مهمة شاقة تتمثل في محاولة تجنب الصدامات بين الفصائل الكثيرة.
ويسود نقاش في سوريا بشأن مدى استعداد العشرات من الفصائل المسلحة، التي يمتلك جميع فصيل منها قدرات عسكرية كبيرة ويتمتع بنفوذ واسع، للتوحد في مشروع الدولة المركزية تحت قيادة الجولاني.
ويسترجع مراقبون ما تم في العراق منذ 2005 إلى هذا اليوم، حيث تتذبذب سيطرة الدولة على المجموعات المسلحة، لذلك لا يبث تحمّس الفصائل السورية لحل ذاتها وتسليم سلاحها مشاعر الارتياح في نفوسهم.
ويقول هؤلاء إن عدد من الفصائل العراقية، وأبرزها فيلق بدر المدعوم من إيران، انضمت ببساطة إلى قوات الأمن الاتحادية بأعداد كبيرة في عملية عرفت باسم “دمج”.
ونتيجة لذلك أنشأت الفرقة الخامسة التابعة للجيش العراقي في ديالى فرعا كبيرا لفيلق بدر، وزرعت الجماعة البذور الأولية لعناصر الميليشيات داخل وزارات رئيسية وأجهزة الاستخبارات في الحكومة الاتحادية.
لكن الدولة سرعان ما فقدت السيطرة على المجموعات المسلحة، وبحلول عام 2012 عادت حواجز التفتيش التابعة للميليشيات إلى الظهور في المدن العراقية، وبدأ قادة الميليشيات ينفذون سياسة خارجية مرتبطة بإيران من أثناء تدخلهم في الحرب السورية، ليظهر لاحقا تنظيم الدولة الإسلامية ومن ثم تشكيل الحشد الشعبي للتصدي له.
ويريد الجولاني أن تلعب تركيا دورا إيجابيا في السيطرة على المجاميع المسلحة وإقناعها بالانضواء فعليا تحت الدولة وقطع الطريق أمام فرص العودة إلى رفع السلاح وتهديد الأمن.
وقال الجولاني الأحد في إطار مؤتمر صحفي في دمشق مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان “لن نسمح على الإطلاق بأن يكون توجد سلاح خارج الدولة سواء من الفصائل الثورية أو من الفصائل المتواجدة في منطقة قسد،” مستعملا الاسم المختصر لقوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري.
لكن مدير المركز الإعلامي لقوّات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي قال الثلاثاء “المسألة بحاجة إلى الجدل المباشر بين قيادة قسد ودمشق بعيدا عن هيمنة القوى الإقليمية ووصايتها على القرار السوري.”
وأضاف “يمكن لقسد أن تكون نواة للجيش السوري وهذا سيكون عنصر قوّة لسوريا كافة، قسد تفضل الحوار مع دمشق لحل جميع المسائل بعيدا عن لغة التحريض.”
الجولاني يريد أن تلعب تركيا دورا إيجابيا في السيطرة على المجاميع المسلحة وإقناعها بالانضواء فعليا تحت الدولة
وأشار شامي إلى أن الأولوية الحقيقية في الوقت الحالي هي “كتابة الدستور الحديث لحماية جميع المكونات وضمان حقوقها، وإجراء الانتخابات وتشكيل حكومة بمشاركة الجميع في سوريا وإقامة أسس الدولة بما يكفل حماية جميع المكونات وحقوقها.”
وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء السورية (سانا) قائد الإدارة الجديدة محاطا بعدد من قادة الفصائل وليس بينها ممثلو قوات سوريا الديمقراطية.
وعين حكام سوريا الجدد مرهف أبوقصرة، القائد الكبير في المعارضة المسلحة التي أطاحت ببشار الأسد، وزيرا للدفاع في الحكومة المؤقتة.
وفي الأسبوع الماضي صرّح القائد العسكري لهيئة تحرير الشام مرهف أبوقصرة بأن “جميع الفصائل المعارضة ستنضوي في إطار مؤسسة عسكرية حديثة،” موضحا أن “سيطرة السلطة الانتقالية ستشمل مناطق القوات الكردية في شمال شرق سوريا.”
وكان رئيس الوزراء محمد البشير قال الأسبوع الماضي إن وزارة الدفاع سيعاد تشكيلها لتشمل الفصائل التي كانت جزءا من المعارضة في الماضي والضباط المنشقين عن الجيش أثناء حكم بشار الأسد.
وشهد اجتماع دمشق مشاركة قادة من شمال سوريا وجنوبها ووسطها، من بينهم ممثلو حركة أحرار الشام والجبهة الشامية وتجمع الشهباء وصقور الشام باستثناء أحمد العودة قائد اللواء الثامن الذي غاب عن الاجتماع.