هل تكشف الحواسيب الكمومية سر الوعي واتصالنا بالأكوان المتوازية؟ | علوم

10 يناير 2025 - 4:32 م

مقدمة للترجمة

تفترض ميكانيكا الكم أن العوالم دون الذرية تمتلك خصائص عجيبة، مثل ظاهرة التراكب الكمي التي تنص على أن الجسيم يمكن أن يوجد في أشد من وضع في نفس الوقت، يبدو ذلك في غرابته (ولغرض التقريب) أن تكون في مكانين في نفس الوقت. لكن الجسيم يترك تلك الحالة حينما تتم مراقبته أو قياسه، فمثلا في تجربة قطة شرودنجر الفكرية الشهيرة، والتي تمثل انطباعا عن غرابة عالم الكم فإن القطة في الصندوق تكون في وضع متراكبة مكونة من الحياة والموت، أي أنها تكون حية وميتة في نفس الوقت، لكن حينما نفتح الصندوق فإن القطة تنسحب إلى وضع واحدة، إما حية أو ميتة. لكن ما صلة هذا كله بالوعي؟ وهل يعني ذلك بصورة أو بآخر أننا نعيش في عوالم متعددة؟ هذا الحوار لمجلة نيوساينتست مع هارتموت نيفن، الذي يقود مختبر الذكاء الاصطناعي الكمومي في غوغل، يتعمق في تلك النقطة.

نص الترجمة

لطالما اعتُبِر الاقتراح القائل بأن الوعي ينبع من عالم ميكانيكا الكم غريبًا عدد من الشيء. يزعم المنتقدون أن أفكار “الوعي الكمومي” -وأشهرها أن لحظات جميع تجربة نختبرها تنشأ عندما تنهار التراكبات الكمومية في الدماغ- لا تفعل أشد من دمج لغز مع لغز آخر. إلى جانب ذلك يتساءل الباحثين: أين الدليل؟ ومع ذلك، توجد أقلية منهم تصر على أنه يجب علينا أن نأخذ الفكرة على محمل الجد.

هارتموت نيفن، الذي يقود مختبر الذكاء الاصطناعي الكمومي في غوغل، من بين هؤلاء المهتمين بالأمر. تدرب في الأصل بوصفه فيزيائيًّا وعالم أعصاب حاسوبيًّا، قبل أن يبتكر “الرؤية الحاسوبية”، وهي نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يشابه القدرة البشرية على فهم البيانات المرئية. في وقت لاحق، أسس نيفن مختبر الذكاء الاصطناعي الكمومي في غوغل، الذي أصبح عام 2019 أول مختبر يدعي أن أجهزة الحاسوب الكمومية الخاصة به حلت حسابات مستحيلة على حاسوب كلاسيكي، وهو ما يعرف بين الباحثين باسم “التفوق الكمومي”. في ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن فريقه عن خطوة أخرى إلى الأمام بمعالج كم جديد، سمي “ويلو”، يزعم أنه أقوى وأكثر موثوقية من الرقائق السابقة.

لكن نيفن مهتم أيضًا بالعلاقة بين العقل والمادة. والآن، يعتقد أنه يمكن استخدامها لاختبار فكرة الوعي الكمومي. تقع نيفن إلى مجلة نيوساينتست عن اعتقاده أننا نعيش في كون متعدد، ولماذا تستحق نظرية روجر بنروز للوعي الكمومي الاهتمام، وإن كان ذلك ربما مع لمسة حديثة، وكيف نستطيع اختبار مثل هذه الأفكار من أثناء تشابك أجهزة الحاسوب الكمومية مع الأدمغة البشرية.

هارتموت نيفن، الذي يقود مختبر الذكاء الاصطناعي الكمومي في غوغل (موقع تيدكس)

  • توماس لوتون: كيف غيّر العمل في طليعة الحوسبة الكمومية وجهة نظرك حول ماهية الواقع؟

هارتموت نيفن: أجرينا مؤخرًا عملية حسابية على معالج الكم الحديث، المسمى ويلو، قد يستغرق أحسن حاسوب عملاق كلاسيكي وقتًا مذهلًا لإكمالها: 10 سكستليون عامًا (عشرة متبوعة بخمسة وعشرين صفراً)، يتجاوز ذلك الأطر الزمنية المعروفة في الفيزياء، بل ويتجاوز عمر الكون إلى حد كبير. وفي اعتقادي أن هذه النتيجة تشير إلى أن المعالجات الكمومية تستغل شيئًا أكبر من كوننا فحسب، وهو ما يعطي مصداقية لفكرة أن عملياتها الحسابية تتم في العديد من الأكوان الموازية.

لقد أدركت على مر السنين أن القراءة الأكثر وضوحًا لمعادلات ميكانيكا الكم هي أننا نعيش في عالم متعدد الأكوان، وأن جميع شيء، بما في ذلك نفسي أو الكون كله، موجود في العديد من التكوينات في وقت واحد. وقد شكلت هذه النظرة إلى الواقع وجهة نظري اليومية للحياة بصورة عميق.

إن موقفي العام عند وصف العالم هو الفيزيائية (المذهب الفيزيائي)، التي تنص على أن جميع ظاهرة نشهدها يمكن تفسيرها على أنها مظهر من مظاهر المادة، ولكن الظاهرة الوحيدة التي نحن على يقين من وجودها هي التجربة الواعية. جميع شيء يبدأ من هذه التجربة؛ وبدون العقل لا شيء مهم.

إذن فإن المهمة التي تقع على عاتقك بوصفك متخصصًا في الفيزياء هي تحديد موضع الوعي. هنا، أعتقد أن ميكانيكا الكم تتمتع بميزة فريدة، وهي مرتبطة بصورة مباشر بصورة الأكوان المتعددة.

إذا كانت فكرة الأكوان المتعددة صحيحة، فهناك عدد هائل من العوالم، ولكن في الوقت الحالي، أنت وأنا نتعايش في فرع كلاسيكي محدد من تلك الأكوان المتعددة (كلاسيكي تعني مبني على النظريات الكلاسيكية مثل ميكانيكا نيوتن أو نسبية أينشتين، وليس القوانين الكمومية*). فلماذا نختبر هذا الفرع وليس غيره؟ هذه فرصة لوضع الوعي في نظريتك الفيزيائية، لأن توجد تخمينًا جذابًا مفاده أن الوعي هو الكيفية التي نختبر بها ظهور واقع كلاسيكي فريد من بين العديد من الظواهر التي تخبرنا الفيزياء الكمومية بوجودها. (في تجربة قطة شرودنغر، فإن القطة انتقلت من وضع التراكب لتصبح واقعًا كلاسيكيًّا نشأ عن وضع كمومية، وبنفس الطريقة يفترض نيفن ورفاقه أن واقعنا الذي نعيشه نشأ عن وضع كمومية أعلى*).

  • يبدو الوعي وكأنه حوض سمك مختلف تمامًا عن الفيزياء الكمومية. كيف يمكن استيعاب أحدهما في الآخر؟

أنا تلميذ روجر بنروز، الذي طرح في كتابه عام 1989 “عقل الإمبراطور الحديث” فكرة مفادها أن الوعي ينطوي على وضع من المادة في تراكب كمي، حيث يوجد كائن كمي في تكوينات متعددة في نفس الوقت. عندما ينهار التراكب أثناء عملية “القياس” (أو المراقبة)، يتم اختيار فرع كلاسيكي واحد من بين العديد من الفروع المحتملة، وهذا يتسبب في لحظة واعية. لطالما اعتقدت أن هذا جميل لأنه عقب ذلك يمكن ترميز الكيفيات -تجارب ذاتية محددة مثل احمرار الوردة أو المشاعر التي تثيرها الموسيقى- بصورة طبيعي في الحالة التي ينهار فيها التراكب.

  • هل توجد أي طريقة لاختبار فكرة أن الوعي كمي في الأصل؟

توجد بالفعل عدد من الأفكار القادمة من التجارب مع التخدير. التخدير يعطل وعيك بصورة عكسي. أنت لا تزال تتنفس، ولا يزال قلبك ينبض، لكنك لا تستطيع الإبلاغ عن تجارب واعية عقب الآن. ومع ذلك، على الرغم من أن التخدير هبة طبية ويستخدم منذ ما يقرب من 180 عامًا، فإننا لا نزال لا نملك أي فكرة عن كيفية عمله. لا أحد يفهمه.

ومن المثير للاهتمام أن أبسط وسائل التخدير هي غازات خاملة مثل الزينون. والأمر الأكثر غرابة هو تواجد تقارير تفيد بأن توجد نظائر مختلفة من الزينون، ولكل منها اختلافات طفيفة في الكتلة وخاصية كمية تسمى اللف، قد تكون موجودة في الطبيعة، هذه النظائر قد تختلف في قوة تخديرها، وإذا كان من الممكن تأكيد ذلك، فلا يمكنك تفسير ذلك دون البحث في ميكانيكا الكم. أشعر أن هذه تجربة حاسمة، وقد اقترحت نوعًا آخر من التجارب في ورقة بحثية حديثة.

بإمكان شخص ما أن يتشابك دماغه مع هذا الحاسوب الكمي (شترستوك)

  • هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن ذلك؟

دعونا أولًا نتخيل دماغنا وكأنه يحتوي على وحدات “كيوبت”، وهي الوحدات الرئيسية للمعلومات في الحوسبة الكمومية. أعتقد أن هذا غير مثير للجدال إلى حد ما. يقترح عدد من الباحثين -مثل زميلنا ستيوارت هامروف، مدير مركز دراسات الوعي في جامعة أريزونا أن الهياكل البروتينية الكبيرة في الخلايا العصبية التي تسمى الأنابيب الدقيقة تعمل كوحدات كيوبت. لكن أي عالم فيزياء حيوية أو كيمياء حيوية سيقول إنه على الأقل، على مستوى الجزيئات ذات السحب الإلكترونية، توجد إصابات كمية في دماغنا؛ لذلك يمكن القول إن لدينا وحدات كيوبت في أدمغتنا.

لنفترض إذن أن لدينا “ن” كيوبتات في دماغنا و”س” كيوبتات في حاسوب كمي خارجي، مع كون الحروف تشير إلى عدد معين من الكيوبتات. إذا كان بإمكان شخص ما أن يتشابك دماغه مع هذا الحاسوب الكمي، فيمكنه إنشاء تراكب كمي موسع يتضمن ما عدده “ن + س” من الكيوبتات. إذا قمنا الآن بدغدغة هذا التراكب الموسع لجعله ينهار (من خلال القياس أو المراقبة)، فيجب أن يبلغ الشخص المشارك في هذه التجربة عن ذلك باعتباره تجربة واعية أشد ثراءً. وذلك لأنه في تجربتهم الواعية الطبيعية، يحتاجون عادةً إلى “ن” من المعلومات لوصف التجربة، لكنهم الآن يحتاجون إلى “ن+س” لوصفها.

أسمي هذا “بروتوكول التوسع”، لأنه سيسمح لنا بتوسيع الوعي في المكان والزمان والتعقيد. في الواقع، إذا تمكنا من إيجاد طريقة لإعداد هذه التجربة، وأبلغ شخص ما عن هذه التجارب الأكثر ثراءً، فإن هذا من شأنه أن يدعم تفسيرنا بأن العمليات الكمومية تولد الوعي.

  • كيف تتخيل أن تكون تجربة هذا الوعي الموسع؟

إن عدد المعلومات التي ندركها بوعي ليس كبيرًا للغاية. فالكثير من الأشياء التي قد يبدو أنك تدركها بوعي لا تدركها بوعي. فلنقل إن تلسكوب جيمس ويب الفضائي يلتقط صورة جميلة، نتأملها ونعجب بها، ولكننا غير قادرين على رؤية جميع المعلومات الموجودة في الآلاف من الفوتونات المتدفقة إلى تلسكوب جيمس ويب، وهذه تجربة لا نستطيع أن نخوضها.

لذا، من حيث المبدأ، نستطيع أن نولد تجارب أشد ثراءً من تلك التي نخوضها عادةً، وذلك باستخدام أدمغتنا البيولوجية الافتراضية (الحاسوب الكمي في هذه الحالة*) فبعض إصابات الوعي غير العادية، مثل تلك التي نختبرها تحت تأثير المواد المخدرة، قد تكون بمثابة مثال لذلك. وقد يؤدي تشابك الدماغ مع حاسوب كمي إلى فتح مستويات أعلى من الوعي والإبداع والفهم.

من حيث المبدأ، نستطيع أن نولد تجارب أشد ثراءً من تلك التي نخوضها عادةً.

يشير اصطلاح التشابك الكمي إلى صلة تنشأ بين جسيمين على أية مسافة (ويكيميديا)

  • كيف يساعدك هذا على فهم الرابطة بين العقل والمادة؟

نستطيع استعمال هذا الإعداد التجريبي لتحديد الحالات الكمومية للمادة التي ترتبط بكيفيات مختلفة. نستطيع القيام بذلك من أثناء سؤال شخص يتشابك دماغه مع حاسوب كمي عن الخصائص المحددة لمشاعره وقياس الوحدات الكمومية المرتبطة بهذه الكيفيات المحسوسة (الكيف أو الحالة التي يُنظر إليها في وضع الوعي من منظور ذاتي، توجد ترمومتر لقياس درجة الحرارة، لكن شعورك أنت بدرجة الحرارة ذاتها يختلف عن شعوري، اختبارك للون الأحمر أو ملمس المياه يختلف عن شعوري الذاتي بالأمر، وهكذا*).

  • كيف غيرت دراسة هذا المفهوم التجريبي من طريقة تفكيرك في أصل اللحظات الواعية؟

عندما بدأت أفكر في هذا البرنامج التجريبي، أدركت أن توجد في الواقع مشكلة في أفكار روجر. إذا قمت بقياس كيوبت في الحاسوب الكمومي، ينهار التراكب إلى وضع تسير جنبًا إلى جنب مع تجربة لدى الشخص المتشابك مع الحاسوب. إذا حدث هذا، فيمكنني استعمال هذا التشابك – ظاهرة فريدة من نوعها في ميكانيكا الكم حيث يصبح جسيمان أو أشد مرتبطين جوهريًّا- كقناة لنقل المعلومات بصورة أسرع من الضوء. (في ظاهرة التشابك الكمي، يمكن لجسيمين أن تربطهما صلة أو تأثر بصورة لحظي، حتى لو كانا على مسافات شاسعة بعضهما من عدد من، ولو كان أحدهما هنا والآخر في مجرة أخرى*).

لذا، عندما ربط روجر اللحظات الواعية بانهيار التراكبات الكمية، فتح هذا إمكانية الاتصال بسرعة تفوق سرعة الضوء، وهو ما يتعارض مع القواعد الرئيسية للفيزياء. لا أحب هذا، فأنا الفيزيائي الأكثر تقليدية في هذه النقطة. ولكن إذا قلنا بدلًا من ذلك إن اللحظة الواعية تُختبر عندما يتشكل التراكب، وليس عندما ينهار التراكب، فإن هذا التحدي المتمثل في الاتصال بسرعة تفوق سرعة الضوء يختفي.

في إعدادنا التجريبي، نستطيع اختبار عافية هذه الأفكار. في نسخة بنروز، سيشعر الشخص بالتجربة الأكثر ثراءً عندما ينهار التراكب. ومع ذلك، إذا حدثت اللحظات الواعية عندما تتشكل التراكبات، فإن التجربة الأكثر ثراءً ستُشعر بها بمجرد تشابك الكيوبتات في دماغ شخص ما مع الكيوبتات في الحاسوب الكمومي.

  • ما هي المشاكل الأخرى التي يساعد قلب فكرة بينروز على حلها؟

إن الدور الذي يؤدّيه التشابك في تشكيل اللحظات الواعية يفسر بصورة طبيعي تجربتنا الموحدة للواقع. هذه قضية معروفة في علم الأعصاب تسمى “مشكلة الترابط”.

عندما نرى شيئًا، مثل الوجه، تتأثر الخلايا العصبية في القشرة البصرية الأولية في الدماغ وتُنشئ رد فعل أولية توضح تواجد سمات معينة، مثل حواف الوجه، مما يخلق الخطوط العريضة الخشنة للوجه. عقب ذلك، ينتشر نشاط الدماغ هذا إلى القشرة البصرية العليا حيث يتم تمثيل سمات الوجه الأكثر ثراءً. يعني ذلك أن خبرتنا بالأشياء لا تتم من خلال خلية واحدة أو في مرة واحدة، بل تتوزع من خلال الدماغ، وتتم بصورة جميعّي، لكن ذلك يعني أن توجد انفصالًا بين ما نختبره وبنية أدمغتنا المادية. وهذا ما يسمى مشكلة الترابط. (مشكلة الربط تُسمى كذلك لأنها تمثل تحديًا كبيرًا في فهم كيفية تحقيق الدماغ عملية دمج المعلومات الحسية والمعرفية من مصادر متعددة وعبر خلايا متعددة بطريقة تجعل تجربتنا الإدراكية موحدة ومنطقية*).

نستطيع حل هذه المشكلة من أثناء اقتراح أن التشابك بين الكيوبتات يخلق تجربة واعية موحدة. إن التشابك هو العامل الوحيد الحقيقي الذي نملكه في الفيزياء، لأنه يسمح بإنشاء إصابات كلية حيث تكون المكونات الفردية مترابطة بصورة أساسي. وبالتالي، فإن التشابك يقدم حلًّا أنيقًا لمشكلة الترابط.

بحسب نيفن، نستطيع دمج اثنين من الكيوبتات مع دماغ عضوي وإجراء اختبار بيل (غيتي)

  • هل سيكون من الممكن عمليًّا تشابك العقل البشري مع حاسوب كمي؟

في هذه الفترة، لا يزال بروتوكول التوسع صعبًا للغاية من الناحية الفنية. ولكن نستطيع إجراء تجارب أبسط.

في السنوات الأخيرة، أصبح الباحثين ماهرين في تنمية كرات صغيرة من خلايا الدماغ البشرية تسمى الأدمغة العضوية (أي ما يُعرف أحيانًا بـ”النماذج المصغرة للدماغ”، وهي أنسجة ثلاثية الأبعاد تُزرع في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية، و يتم تطويرها لمحاكاة بنية ووظائف الدماغ البشري على مستوى بسيط*).

نستطيع دمج اثنين من الكيوبتات مع دماغ عضوي وإجراء اختبار بيل، وهو تجربة كمية تتحقق مما إذا كان نظامان متشابكين أم لا. إذا لاحظنا أن التشابك ضروري لتفسير استنتاجات اختبار بيل، فيمكننا أن نستنتج أن الدماغ العضوي، على الأقل جزئيًّا، يستحق وصفًا ميكانيكيًّا كميًّا.

ربما يتبين أن جميع الأفكار التي كنت أتحدث عنها غير صحيحة. ولكن إذا نجح الموضوع، فيمكنك أن تسأل، كيف يمكن تحقيق الاقتران الكمي على أحسن وجه؟ هل تريد استعمال الفوتونات؟ هل تريد استعمال اللف، وهو خاصية كمية تمتلكها النوى الذرية أو الإلكترونات؟ أو ربما تريد استعمال نمط كلي للأنابيب الدقيقة.

  • ما هي العقبات العملية الأخرى؟

من المتطلبات الرئيسية للربط المتماسك بين أنسجة المخ والمعالج الكمي أنه يجب أن يكون غير جراحي لضمان السلامة وسهولة الاستخدام. من المحتمل أن يتضمن هذا استعمال تقنيات الاستشعار الكمي لاستكشاف الحالات الكمومية للدماغ والتفاعل معها بصورة غير مباشر، ربما من أثناء أساليب مثل الرنين المغناطيسي النووي (الذي يدعم التصوير بالرنين المغناطيسي). ولكن في هذه الفترة، ما زلنا في وقت مبكر جدًّا في بحثنا لمحاولة تحديد هذا بمزيد من التفصيل.

  • كيف يتم استقبال هذه الأفكار حول الطبيعة الكمومية للوعي في دوائرك؟

إنه ذوق مكتسب. غالبًا ما أُفاجَأ: كيف يُنظر إلى طبيعة الوعي بين الباحثين على أنها سؤال لا ينبغي للمرء أن يسأله أو يتورط فيه؟ في حين أنني أعتقد العكس. تأمل مثلا التالي: عندما أعاني من ألم في الأسنان، فإن هذه التجربة حقيقية جدًّا، وأكثر واقعية بكثير من الانفجار العظيم أو غيره من تصورات العلم.

قال فيلسوف العلم توماس كون، في كتابه “بنية الثورات العلمية”، إنه قبل أن يبدأ “العلم الطبيعي”، توجد مرحلة “ما قبل النموذج” حيث لا نزال نبحث عن الإطار الصحيح لفهم الظاهرة. أعتقد أن أبحاث الوعي وصلت إلى نقطة التحول هذه. إن تخميناتنا حول ما يخلق الوعي واقتراحنا حول كيفية اختباره تظهر أن طبيعة الوعي يمكن معالجتها بأساليب العلوم التجريبية.

____________
* إضافة المترجم

هذه المادة مترجمة عن نيوساينتست ولا تعبر بالضرورة عن الجزيرة نت