رفع أسعار الوقود يُعمق تأثير الغلاء
عمّقت تداعيات الزيادات الجديدة في أسعار الوقود بمصر من تأثير الغلاء على الأسر المصرية، بعدما أعلنت وزارة البترول، الجمعة، عن رفع أسعار الوقود ليشمل البنزين والسولار بنسب تصل إلى 17 في المائة للمرة الثالثة خلال 2024. وتم رفع سعر السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداماً في البلاد، بنسبة 17 في المائة ليصل إلى 13.50 جنيه للتر من 11.50 جنيه. وارتفعت أسعار البنزين بما يتراوح بين 11 إلى 13 في المائة، ليصل سعر بنزين 80 إلى 13.75 جنيه، وبنزين 92 إلى 15.25 جنيه، وبنزين 95 إلى 17 جنيهاً للتر (الدولار يساوي 48.65 في البنوك المصرية).
وكان رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، قد أعلن في يوليو (تموز) الماضي، أن أسعار المنتجات البترولية سترتفع تدريجياً حتى نهاية عام 2025، مؤكداً أن «الحكومة لم تعد قادرة على تحمل عبء الدعم على الوقود وسط زيادة الاستهلاك».
تزامن مع ذلك، عقد الجهات الحكومية اجتماعات عدة، الجمعة، لتحديد أسعار وسائل النقل والمواصلات بما يتناسب مع الزيادات الجديدة، وتشديد إجراءات المراقبة لمنع الزيادات غير المبررة، وأكد وزير التموين المصري، شريف فاروق، «عدم المساس بسعر رغيف الخبز المدعم»، والمسعر على بطاقات التموين بسعر 20 قرشاً (الجنيه يساوي 100 قرش)، الذي زاد سعره بالفعل خلال يونيو (حزيران) الماضي من 5 قروش، وأكد الوزير المصري «استمرار الدولة في تحمل فارق التكلفة».
وتعتمد أسعار الوقود على آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية، وهي لجنة مشكلة بموجب قرار من الحكومة منذ عام 2019 تكون مسؤولة عن تحديد الأسعار باجتماع يعقد كل 3 أشهر على ألا تتجاوز نسبة التغير في سعر البيع للمستهلك 10 في المائة ارتفاعاً أو انخفاضاً.
بائع خضراوات وفاكهة ينتظر الزبائن في أحد المحال في القاهرة (رويترز)
لكن أمين سر «لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة لم تلتزم للمرة الثالثة على التوالي بالنسب المحددة قانوناً في الزيادة، بالإضافة إلى انعقادها قبل موعدها بأسبوع بعدما أقرت الزيادة الماضية في التسعير نهاية يوليو الماضي.
وأضاف إمام أن اللجنة ارتكبت مخالفات من الناحية القانونية فيما يتعلق بالتوقيت والنسب المطبقة بشكل واضح، منتقداً عدم التزام الحكومة بالقرارات التي تصدرها.
وتضمن بيان اللجنة عند الإعلان عن الأسعار الجديدة التأكيد على إلغاء الاجتماع المقرر في يناير (كانون الثاني) المقبل، على أن يكون أول اجتماع للجنة بعد 6 أشهر.
يعتمد التسعير على 3 محددات رئيسية، هي: الأسعار العالمية، وسعر التحويل، بالإضافة إلى التكلفة التي يتم تحملها لوصول المحروقات للمواطنين، بحسب نائب رئيس «هيئة البترول» الأسبق، مدحت يوسف، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأسعار الجديدة ستوفر للدولة يومياً مليارات الجنيهات كانت تُدفع كفارق دعم.
لكن الخبير الاقتصادي المصري، كريم العمدة، انتقد فكرة محاسبة المواطنين المصريين على المحروقات بالأسعار العالمية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في مصر مقارنة بمثيلاتها العالمية، لافتاً إلى ضرورة إعادة النظر في نسب الزيادة التي ستؤدي إلى زيادة التضخم بما يخالف سعي الحكومة لتحجيمه، فضلاً عن «زيادة شكاوى أسر مصرية من ارتفاع جديد لأسعار السلع في الأسواق».
وزادت معدلات التضخم في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى 26.4 في المائة، ارتفاعاً من 25.7 في المائة خلال يوليو الماضي، وأعلن رئيس مجلس الوزراء المصري في وقت سابق استهداف معدلات تضخم حول 20 في المائة بحلول نهاية العام الحالي، على أن تنخفض إلى 10 في المائة بحلول نهاية 2025.
وقدّر صندوق النقد الدولي الخفض المطلوب بخصوص دعم الوقود في مصر من 331 مليار جنيه مصري خلال العام المالي المنتهي في 30 يونيو الماضي إلى نحو 245 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي، علماً بأن فاتورة الدعم زادت بالعملة المحلية، على خلفية تخفيض سعر صرف الجنيه في مارس (آذار) الماضي من متوسط 31 جنيهاً للدولار إلى السعر الحالي، بحسب مراقبين.
النائب السابق لرئيس هيئة البترول أكد أن رئيس الوزراء أعلن في عدة مناسبات الأسعار التقريبية للمحروقات بناءً على تكلفتها، وبالتالي لا تزال الزيادات الجديدة غير مقاربة للأرقام التي أعلنها مدبولي، ومنها أن سعر لتر السولار 20 جنيهاً، لافتاً إلى أن هذه الحسابات مبنية على متوسطات الوقت الحالي، وستزداد حتماً حال ارتفاع سعر برميل النفط.
زحام مروري وقت الذروة في ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)
وانتقد عضو «لجنة الخطة والموازنة» بالبرلمان عدم اكتراث الحكومة بالضغوط الموجودة على المواطنين بصورة غير مسبوقة وخلال فترات زمنية قصيرة، مشيراً إلى زيادات كبيرة في الأسعار حدثت خلال فترات زمنية وجيزة، عمّقت أزمة الغلاء لأسر مصرية.
وهو الرأي الذي يدعمه الخبير الاقتصادي المصري، مؤكداً أن إجراءات رفع الدعم كان يجب أن تتم على فترات أطول زمنياً، مع دراسة تبعات القرارات المتخذة، وبالتزامن مع التوسع في برامج الحماية الاجتماعية لتجنب زيادة أعداد الأسر التي تدخل ضمن دائرة الفقر.
وبينما شكّك عبد المنعم إمام في «التزام الحكومة بعدم تطبيق زيادات جديدة على أسعار الخبز المدعم خلال الفترة المقبلة، أشار كريم العمدة إلى زيادة تكلفة الخبز غير المدعم، الذي تستخدمه شريحة ليست قليلة من المصريين بمختلف مستوياتهم، الأمر الذي يعني تضررهم من موجة الغلاء المرتقبة، في ظل انعكاس زيادات الوقود على أسعار وسائل النقل والمواصلات».
جدل زيادة أسعار الوقود انتقل إلى «السوشيال ميديا»، الجمعة، عبر تفاعلات عديدة، عبرت عن مخاوفها من زيادة الأسعار والخدمات في البلاد، ما ينعكس على احتياجات أسر مصرية.
وبينما دافع البعض عن قرار رفع أسعار الوقود بأنه «يأتي في إطار الخطة المعلنة برفع الدعم بشكل تدريجي».
البوست المكرر كل مرة:في خطة معلنة من مايو اللي فات، لرفع الدعم عن المواد البترولية تدريجيا لحد نهاية ٢٠٢٥، وبالتالي المتوقع كل اجتماع للجنة التسعير هو الزيادة..الجديد اللي البيان الرسمي قاله المرادي هو إن اللجنة بعد كده هتجتمع كل ٦ شهور بدل ٣ شهور، وده معناه إن في زيادة…
— Loay Alkhteeb (@LoayAlkhteeb) October 18, 2024
تحدث آخرون عن «زيادات مرتقبة في أسعار السلع والخدمات».
وضيف علي زيادة البنزين زيادة كل السلع اللي هي اصلا غاليه
— Ranya Mo Hossen (@RanyaHossen) October 18, 2024