خروج روبوت “موكسي” من الخدمة.. هل نملك التكنولوجيا أم تملكنا؟ | تكنولوجيا
لا شك أن شعورا بالوحشة والافتقاد سوف يصيب أطفالا كثيرين في مختلف أنحاء الولايات المتحدة أثناء الأيام والأسابيع المقبلة، بعدما تم الإعلان أن “موكسي”، سوف يخرج قريبا من الخدمة نتيجة مشكلات مالية لدى الشركة المصنعة، بحسب تقرير الألمانية.
و”موكسي” روبوت صغير الحجم يتخاطب مع الصغار من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، على غرار تطبيق “شات جي.بي.تي” على الإنترنت.
وكانت شركة “إيمبوديد” للتكنولوجيا قد طرحت الروبوت موكسي عام 2020 بتكلفة 799 دولارا، ويستهدف هذا الروبوت الصغار الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و10 أعوام، ويبلغ طوله 15 بوصة وله وجه بشري على شكل شاشة من أجل التعبير عن العديد من الانفعالات.
ويستطيع موكسي أن يلعب عدد من الألعاب الكلامية ويلقي النكات ويطرح الأحاجي، ويستخدم خاصية التعرف على الصوت لتحديد شعور المتكلم، كما أنه مزود بكاميرا للتعرف على وجه المستخدم وتحديد انفعالاته، ويستطيع بفضل نموذج لغوي متقدم أن يجري سلسلة من المحادثات مع الصغار.
ولكن على غرار موجة وقف الدعم التقني للتطبيقات والبرامج التي تقوم بها العديد من شركات التكنولوجيا والبرمجيات حول العالم، أعلنت شركة إيمبوديد مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي أنها سوف تتوقف عن تقديم الدعم للروبوت موكسي في إطار جهودها لخفض النفقات، مما يعني تحول الروبوت الذي ينبض بالحياة إلى قطعة من الخردة الإلكترونية عديمة الفائدة.
وفي أعقاب صدور هذا الإعلان، خرج الآباء والأطفال والكثيرون من مستخدمي موكسي على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن أسفهم لخروج موكسي من الخدمة، وعرضت مقاطع فيديو لأطفال وهم يبكون أثناء توديع صداقة دامت 4 سنوات، ومقاطع أخرى لآباء وهم يشرحون لأطفالهم أن رفيقهم الروبوتي لن يتحدث معهم عقب الآن.
وذكرت شركة إيمبوديد في بيان نقله الموقع الإلكتروني “بوبيولار ساينس” المتخصص في الدراسات والتقارير العلمية أنها “تبحث الخيارات المتاحة لاستمرار تشغيل موكسي لأطول فترة ممكنة”.
ولكنها بينت إلى أنه على الأرجح سوف يتوقف عن العمل أثناء الأيام المقبلة، مضيفة أنها تبحث أيضا عن سبل بحيث يمكن أن تتبنى شركة أخرى الروبوت موكسي وتقوم بتشغيله، غير أنها ذكرت أن هذه النتيجة “غير مؤكدة”.
وأرجع رئيس الشركة باولو بيرجانيان سبب القرار إلى “انتكاسة كارثية” عقب إخفاق أحد المستثمرين الرئيسيين في تقديم التمويل الضروري في اللحظة الأخيرة.
ويعتبر قرار وقف الروبوت موكسي سيناريو متكررا تلجأ إليه شركات التكنولوجيا والإلكترونيات بصورة مفاجئ في كثير من الحالات، فقد أعلنت شركة أمازون في سبتمبر/أيلول الماضي على سبيل المثال وقف تشغيل الروبوت المتحرك “أسترو” عقب 8 أشهر من طرحه في الأسواق.
وأصبح الروبوت، الذي كان يقوم بعمل دوريات ذاتية بالمنزل وهو مجهز بكاميرا متصلة بشاشة ذكية من شركة أمازون لاستخدامه في المراقبة، قطعة خردة عديمة القيمة، حتى بالرغم من أن شركة أمازون تعهدت برد 2349 دولارا للمشترين مع قسيمة شراء بقيمة 300 دولار لتعويضهم.
ومن جانبها، قامت شركة سبوتيفاي بوقف تشغيل جهاز “كار ثينج” لتشغيل الموسيقى من خلال الإنترنت في السيارة، رغم أن الجهاز كان محل إعجاب المستهلكين الذين يملكون سيارات قديمة غير مجهزة من أجل تشغيل الموسيقى من خلال الإنترنت.
وأقام المستهلكون دعوى ضد شركة سبوتيفاي واتهموها بتضليل المستهلكين عن طريق بيعهم أجهزة سوف تخرج من الخدمة سريعا، ولكن تم رفض هذه القضية في وقت سابق هذا العام.
وفي مثال فادح لمثل هذه السيناريوهات، أعلنت شركة تكنولوجيا طبية متخصصة وقف تشغيل شريحة إلكترونية تجريبية مزروعة في مخ إحدى مريضات الصرع نتيجة نقص التمويل، علما بأن الجهاز المذكور أوقف نوبات الصرع لديها عقب أن كانت تصاب بـ3 نوبات على الأقل شهريا.
وتمثل جميع وضع من هذه الحالات نموذجا لظاهرة مفادها أن المستهلك لم يعد في حقيقة الموضوع يمتلك الأجهزة الإلكترونية التي يشتريها، وأن هذه الأجهزة سواء كانت روبوتات أو أجهزة لقياس المؤشرات الحيوية أو أجهزة رياضية لم تعد “منتجات” بقدر ما أصبحت “خدمات”.
بمعنى أن الشركات، في إطار هذه الرابطة التعاقدية مع المستهلك، تقوم بصورة من أشكال تأجير المنتج للمستهلك مقابل رسوم شهرية للحصول على حق الاستفادة من برمجيات التشغيل الرئيسية.
وتسري هذه القاعدة بصورة واضح على المنتجات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل الروبوت موكسي الذي يعتمد على مراكز بيانات من أجل أداء مهامه الوظيفية، أي أنه في جميع مرة يتم فيها طرح سؤال على موكسي أو على تطبيق “شات جي.بي.تي”، فإن العملية الحوسبية للرد على هذا السؤال تكلف الشركة مبالغ مالية، وعادة ما يتم تحميلها مرة أخرى على المستهلك في صورة رسوم اشتراك شهرية.
من جهتها، تسعى جماعات حماية حقوق المستهلك لدى الجهات الرقابية لاتخاذ إجراءات للحيلولة دون تكرار مثل هذه السيناريوهات في المستقبل.
وفي وقت سابق هذا العام، بعثت مؤسسة “إلكترونيك فرونتير” (إي فيكسيت) للدفاع عن الحريات المدنية على الإنترنت ومركز العدالة الاقتصادية برسالة إلى مفوضية التجارة الاتحادية في الولايات المتحدة تدعو إلى البحث في ظاهرة “الدعم البرمجي من خلال الانترنت” ويقصد بذلك ربط عدد من الأجهزة الإلكترونية ببرامج خارجية.
وطالبت بأن تضمن الشركات المصنعة تواجد حد أدنى من مرات الدعم التقني للحيلولة دون توقف منتجاتها الإلكترونية بصورة مفاجئ، مع ضرورة أن تضمن هذه الشركات استمرار عمل المنتج حتى في وضع توقف الاتصال بالإنترنت، رغم مشقة تحقيق هذا الشرط في وضع عدد من الروبوتات مثل موكسي الذي يحتاج للاتصال بالخادم بصورة دائم لضمان عمله بصورة منتظم.
وجاء في الخطاب: “رغم أن مفوضية التجارة الاتحادية اتخذت إجراءات محدودة لمعالجة هذه المشكلة، فإن غياب الوضوح والتنفيذ قد تسبب في إيجاد محيط بحيث يتعذر على المستهلكين التيقن بصورة اعتمادي من استمرارية عمل الأجهزة الإلكترونية التي يشترونها”.