الحمض النووي اليمني يحكي حكاية الهجرات القديمة من الشام وأفريقيا
كشف باحثون من جامعة خليفة بالتعاون مع علماء من السعودية وشركاء إقليميين ودوليين عن التركيبة الجينية للشعب اليمني من أثناء تحليل الحمض النووي اليمني.
ويوضح هذا الموضوع كيف تشكلت التركيبة الجينية الحديثة لليمنيين نتيجة للهجرات القادمة من بلاد الشام، الجزيرة العربية، وشرق إفريقيا على مر العصور. وقد نُشرت الدراسة في مجلة “ساينتفيك ريبورتيز”.
تاريخيا، شكل اليمن نقطة اتصال مهمة بين إفريقيا، شبه الجزيرة العربية، وبلاد الشام، وقد لعب دورا رئيسيا في شبكات تجارة التوابل والبخور التي ربطته بمصر وسومر ودلمون، بينما عززت التجارة المتوسطية مع فلسطين والفينيقيين واليونان مكانته كمركز تجاري في المنطقة، ومع ازدهار التجارة في اليمن، نشطت تجارة العبيد مع شرق إفريقيا.
وتُعتبر الحركات السكانية القديمة في اليمن، القادمة من الجزيرة العربية، منطقة غير مستكشفة بصورة كامل، فالدراسات السابقة التي تناولت الروابط الجينية أسفرت عن تقييمات محدودة بشأن أصول المجموعات السكانية القديمة وتوقيت وصولها إلى اليمن.
وفي الدراسة، التي حملت عنوان “هجرة البشر من الشام والجزيرة العربية إلى اليمن منذ العصر الجليدي الأخير”، قام الباحثين بتحليل 46 جينوما كاملا و169 عينة وراثية من أفراد يمنيين، بالإضافة إلى 351 عينة وراثية، مقارنة من سكان الدول المجاورة.
وركز الباحثين على رصد إشارات الهجرة القادمة من الشام وإيران، وكذلك من الشركاء التجاريين القدماء، إلى جانب البحث عن علامات جينية مرتبطة بالهجرة البشرية من إفريقيا إلى اليمن.
وأظهرت استنتاجات الدراسة أن السلالة الأبوية (Y-chromosome) في اليمن يهيمن عليها المجموعة الجينية J1، وهي مؤشر جينية ترتبط بجنوب غرب آسيا، مما يشير إلى الروابط القديمة بين اليمن وبلاد الشام والجزيرة العربية.
أما من ناحية السلالة الأمومية (mtDNA)، فقد كشفت الدراسة عن تأثير كبير لشرق إفريقيا، حيث يحمل نحو ثلث العينة الجينية اليمنية فرق جينية أمومية أفريقية، مثل L2a1، التي تُعد الأكثر انتشارا في أفريقيا جنوب الصحراء، مما يشير إلى تدفق جيني كبير عن طريق النساء من شرق أفريقيا إلى اليمن.
وأظهرت التحليلات ترددات أليلات نياندرتال في السكان اليمنيين، مما يعزز فكرة التبادل الجيني المبكر أثناء الهجرة البشرية من إفريقيا إلى خارجها، وهو نمط مشابه لما وجد في مناطق أخرى من الجزيرة العربية.
وكشفت البيانات عن حدثين رئيسيين لتدفق الجينات: الأول وقع قبل حوالي 5,220 عاما، وشمل سكانًا من فلسطين، والثاني قبل حوالي 750 عاما، شمل فرق من شرق إفريقيا. ويعكس العنصر الشامي الهجرات القديمة أثناء العصر البرونزي وما قبله، في حين يعبر العنصر الأفريقي عن تأثير التجارة في العصور الوسطى، حيث لعب اليمن دورا رئيسيا في تجارة الرقيق في البحر الأحمر، وخاصة من شرق أفريقيا.
وبينما لا تنسب الدراسة بصورة مباشر نتائجها إلى ممارسات العبودية القديمة، فإن البيانات التي تظهر السلالة الأبوية الشامية مقابل الأمومية الأفريقية بصورة واضح تُشير إلى مشقة تفسيرها بغير ذلك.
وأظهرت الدراسة تباينا في معدل الأليلات الإفريقية بين مختلف المجموعات اليمنية، حيث كانت أشد شيوعا في المناطق الساحلية مقارنة بالمناطق الداخلية، مما يبرز تأثير الهجرة الأفريقية الكبيرة في المناطق الساحلية على مدار التاريخ.
وتبرز هذه الدراسة الدور المهم الذي لعبه اليمن كجسر جغرافي بين إفريقيا وشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، وتوضح أن تأثير الهجرات القديمة ما زال واضحا في التركيبة الجينية لليمنيين هذا اليوم.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDo5OjE1ODI6MDo3NmE6MzY1ZDoxIA== جزيرة ام اند امز LT